الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد سيد المرسلين.
مع انتشار العمران خارج سور القدس أواخر العهد العثماني تم بناء أسواق جديدة وخاصة غربي السور. وكان باب الخليل أكثر أبواب المدينة ازدحاما حيث يعبر منه المسافرون والقادمون من الخليل ويافا وغزة، وازداد ازدحاما مع تأسيس مستشفى العيون ومحطة السكة الحديدية في البقعة. ولأهمية الباب شيدت الحكومة برج الساعة فوقه وسبيل السلطان عبد الحميد خارجه بالقرب من محطة العربات.
وتم بناء عدد من اللوكندات والمقاهي في المنطقة، ثم اتسع البناء باتجاه مقبرة ماملا حتى تكوّن “سوق طريق ماملا” الذي بقي عامرا حتى النكبة. ومع انتشار التصوير أواخر العهد العثماني فتحت عدة استوديوهات أبوابها في المنطقة الممتدة خارج السور بين باب الخليل والباب الجديد، وكان أولها محل كرابيد كريكوريان الذي تأسس عام 1885، حتى أطلق على المنطقة “السوق الفوتوغرافي”.
وبعد سقوط القدس في قبضة الاحتلال البريطاني سارع الحاكم العسكري ستورز إلى تأسيس “جمعية محبي القدس” في شباط 1919 بهدف تحسين صورة الاحتلال البريطاني للمدينة من خلال جمعية تضم في عضويتها بريطانيين وعربا ويهودا. وكان هدف الجمعية المعلَن هو حماية وتطوير القدس ولوائها وسكانها. وكان من أبرز جرائم تلك الجمعية إزالة برج الساعة الذي نُصب في باب الخليل عام 1909 في ذكرى اليوبيل الفضي لاعتلاء السلطان عبد الحميد الثاني عرش الخلافة، بحجة بشاعة البرج، لكنني أعتقد جازما أن الهدف الحقيقي كان:
إزالة ذكرى السلطان من أذهان السكان.
وكان يعقوب الشماع وهو يهودي حلبي قد اشترى أرضا من دير الروم في جورة العناب قبلي طريق ماملا وأنشأ عليها “سوق الشماعة”، لكنه لم يلق رواجا فانتحر بانيه.
ومع سرعة التوسع غربا أصبح “سوق شارع يافا” أطول الأسواق خارج السور، ثم نشأت أسواق أخرى في الشوارع المتفرعة عنه. وكان ذلك جزء من خطة الاحتلال البريطاني الرامية إلى تطوير المدينة باتجاه الغرب. وقد إزيلت الأسواق الواقعة خارج باب الخليل برمتها بعد حرب عام 1967 فتغيرت معالم المنطقة بحيث أن المتأمل في الصور القديمة يكاد لا يدرك مواقع أبنيتها وطرقاتها حاليا.
هذا وبالله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
برج الساعة من داخل باب الخليل
برج الساعة حوالي عام 1910
الجنرال أللنبي يدخل القدس وخلفه البرج العظيم